| ]

كيف اتعلم اللغة الانجليزية بفعالية ؟
إن كنت تبحث عن جواب مختصر، دعني أوفر عليك الوقت و أخبرك أنك لن تجده. الطرق النظرية و العملية التي تصب في باب تعلم و تعليم الإنجليزية لا يمكن حصرها بجواب واحد، و لا بطريقة واحدة. و ربما أبالغ قليلا حين أقول أن طريقة تعلم كل شخص لا يمكن أن تتكرر بنفس التفاصيل، كما القهوة. يصفها درويش:
"لا قهوة تشبه قهوة أخرى. لكل بيت قهوته، و لكل يد قهوتها، لأنه لا نفس تشبه نفسًا أخرى."
أمضيت ما لا يقل عن عامين (بكالوريوس و ماجستير) في دراسة اختصاص تعليم الإنجليزية لغير الناطقين بها. مما يعني أني لا أعجز عن اختيار طريقة تروق لي في تعلم الإنجليزية مع بضع نظريات لأخبرك أن طريقتي هي الوصفة السحرية لتعلم الإنجليزية، و أن غيرها لن ينفع. لكن بفعلي هذا لن أحقق لك فائدة ترجوها لسبيين. أولها أن تعلم اللغة يحتاج لتوجيهات مختلفة تختلف على حسب معرفتك و حاجتك. على سبيل المثال، تعلم الإنجليزية لتصبح متحدثا بارعا لا يشبه كثيرا تعلمك للإنجليزية لمجرد اكتساب القدرة على الإطلاع على المواد المختلفة بالإنجليزية. ثانيها، كما تقترح العديد من النظريات و الأبحاث الدراسية، اختلاف الطرق الفطرية المفضلة للتعلم تختلف من شخص لآخر، بصري/ حركي/ سمعي. مما يعني أن طريقة تفيدني كمتعلمة بصرية قد لا تكون بنفس القدر من الفعالية لمتعلم حركي. ريما تُنتِج، لكن ليس بنفس القدر من الفعالية أو الوقت.
ألغاز؟.. دعني أبسط لك المسألة. في مجال تعليم اللغة على وجه عام و الإنجليزية بشكل خاص، توجد العديد من النظريات التي تقترح طرق تدريس و تعلم الإنجليزية. لا تختلف فقط في طريقة إيصال المعلومة بل أيضا في تحديد نوع المعلومات التي يحتاجها المتعلم لـ "يتقن" اللغة. لكن، بشكل عام، يمكنني أن أخبرك أنه لتتعلم أي لغة، أنت بحاجة لثلاث قدرات: 1. الإطلاع، 2. المتابعة، و 3.الممارسة. و لكي تتقن أي لغة، أنت بحاجة للتمكن من أربع مهارات: 1. مهارة السمع، 2. مهارة المحادثة، 3. مهارة القراءة، 4. مهارة الكتابة. و لكل مهارة من هذه الأربع، توجد مهارات فرعية متعددة على حسب حاجتك و بغيتك، و بناء عليهما تتشكل الكميات المناسبة لكل متعلم.
على سبيل المثال، إن كنت تريد أن تتعلم الإنجليزية لكي تستطيع أن تنجز عملياتك التجارية، رغم أنك بطبيع الحال تحتاج لتعلم المهارات الأربع، إلا أنك بحاجة أساسية للتركيز على مهارتي المحادثة و الاستماع، و تشكيل عملية تعلمك بطريقة تضمن تحقيق الدرجة المطلوبة في هذين المهارتين مع ما يندرج تحتهما من المعرفة البراجماتكية (الاجتماعية و العرفية) و الثقافية. لكن، إن كنت تريد أن تتعلم الإنجليزية لحاجات أكاديمية دراسية، فإن التركيز يولى بشكل أكبر للقراءة و الكتابة و تتشكل عملية التعلم بناء عليها. بصياغة أخرى، أؤمن أنه لا يمكن أن توجد طريقة سحرية واحدة تضمن لك تعلم الإنجليزية بأسرع وقت و أفضل ناتج.
**
أملا في أن الصورة اتضحت لك، وددت من خلال هذه التدوينة أيضا أن أقدم لك بعض نصائح و مقترحات عامة أحسبها كفيلة بإذن الله لتعينك في طريق تعلمك للإنجليزية، باختلاف أهدافك. لكن قبل أن أكمل الحديث، للأمانة العلمية، يهمني أن تعرف أن تجزيء اللغة (إلى مهارات)، كما قدمت لك الآن، هو جانب نظري يعاكسه جانب نظري آخر يؤمن أصحابه بأن اللغة لا يمكن أن تتجزء. كذلك، الاقتراحات و النصائح التي سأقدمها لك، ليست الوحيدة المتوفرة في (سوق) تعلم اللغة و تعليمها، و ليست بالضرورة "الأفضل". أنا أقدمها لك لأني، كمختصة في المجال، مقتنعة بمنطقها و قد رأيت نفعها في السياق العربي.
1. إن كنت مبتدئا، قد يكون مفيدا أن تكون نقطة انطلاقك في تعلم الإنجليزية هي الحروف و أصواتها. إتقانك لها بطريقة ترضيك سيكون مشجعا لك و معينا على تعلم المفردات و قراءة الكلمات و تحدثها و سماعها بشكل واضح و مناسب. ابدأ بالأحرف، ثم بأصوات السواكن و أصوات العلل. اسمعها أكثر من مرة و رددها.
2. على الرغم من أهمية النحو في إيصال المعلومات، أنت بحاجة ملحة أكبر للتركيز على تعلم قدر كافٍ من المفردات بما يخدم حاجتك. إحدى نظريات تعليم اللغة تقول: "إن كنت لا أعرف النحو، قد أتعثر في الكلام. لكن إن كنت لا أعرف المفردات، فأنا لا أستطيع أن أتكلم." إذن، حاول أن تحرص على تعلم المفردات التي ستحتاجها في السياق الذي تحتاج للإنجليزية فيه. إن كان السياق اجتماعيا، يكون مفيدا لك أن تبدأ بتعلم المفردات للأشياء من حولك و في مجتمعك بالإنجليزية. إن كان هدفك أكاديميا، أنصحك بشدة أن تبدأ بقائمة الكلمات الـ 1000 و 2000 الأكثر شيوعا في اللغة. قدمت الكثير من الدراسات أن معدل 90% من اللغة الأكاديمية تتشكل بناء على تلك القائمة. بمعنى أن فهمك لهذه الكلمات قد يضمن لك أن تفهم ما لا يقل عن 90 % مما تقرأه أو تسمعه.
3. مارس مارس مارس مارس مارس مارس مارس... لا يسعني أن أشدد على الممارسة بالقدر الكافي!. الإنجليزية، كأي لغة، تصدأ إن لم تستخدمها. و تلين لك كثيرا إن أكثرت من استخدامها. هناك العديد من الدراسات العملية التي تؤكد أهمية الممارسة في الوصول إلى و الحفاظ على المستوى المطلوب من المهارة و الإتقان في اللغة. كما نصحتُ سابقا، أقل الممارسة أن تتحدث/تكتب/تسمع/تقرأ كل يوم لمدة لا تقل عن 10 دقائق بالإنجليزية. طبعا، كما سبق أن وضحت، حسب نوع هدفك من تعلم اللغة، تكون حاجتك للتركيز على المهارات المهمة و الأساسية في رحلتك.
4. لا تيأس سريعا و لا تتوقع نتائج سحرية!. تعلم اللغة يشبه كثيرا تعلم ركوب الدراجة، مهارة تحتاج لبعض من الوقت لكي تتقنها. و يختلف قدرة الإتقان و سرعته من شخص لآخر. نصيحتي لك، لكي تبقى متشجعا، أن تبدأ باختيار مواد و موارد ذات مستويات مناسبة لك أي ليست متقدمة جدا بحيث تعجز عن فهم أي شيء. ابدأ (حبة حبة) و بالتدريج حاول أن تزيد معيار الصعوبة بحيث تكون المادة التي تعاينها و تطلع عليها تكون بمستوى = مستواك الحالي + 1. هذا الأساس التدريسي يعتمد على نظرية تقترح أن توفير فسحة مناسبة و ملائمة لتحدي قدراتك (أي الـ +1) يساهم بشكل كبير في تحسينها و دفعها إلى الأمام، لكن ليس أكثر من ذلك.
5. حاول قدر إمكانك أن تجعل من تعلمك للإنجليزية متعة تشوقك للمزيد. العديد من الدراسات تكشف عن أهمية عامل (التشجيع) أو motivation لضمان الحصول على أفضل النتائج في تعلم اللغة. سواء كانت عوامل خارجية (كالحصول على وظيفة أو التقدم لمنحة) أو داخلية (كتطوير النفس أو تعلم المزيد) لا يهم. المهم أن تكون العوامل التي تشجعك قوية بما يكفيك للاستمرار في تعلمك.
6. النظريات و المدارس الفكرية المختلفة لا زالت تناقش هذه النقطة كثيرا خاصة في الوقت الحالي، لكني أعتنق فكرة أن تعلم الإنجليزية يكون أسهل و أيسر على قدر إطلاعك على و تعاملك مع الإنجليزية الأم (أي اللهجات التي يتحدثها أهل بريطانيا، كندا، أمريكا، أستراليا، نيوزيلندا، و آيسلند). و أظن أن الحصول على و التعامل مع مواد تستخدم هذه النسخ من اللغة متيسر مع وفرة المعلومات على الإنترنت. و أنصحك أن تحاول الالتزام بنسخة معينة بدلا من التنقل من أ إلى ب، لأنه توجد اختلافات بسيطة بين اللهجات و قد تربكك.
7. رغم وجود من يساند العكس، لكني أحذرك أشد الحذر من اللجوء إلى "الترجمة" لتعلم و التعامل مع الإنجليزية. برأيي، هذه أسوء الطرق لفهم و إتقان اللغة، سينتج عنها الكثير من الأخطاء التي أنت في غنى عنها. الإنجليزية لغة تختلف تماما عن العربية، و مقارنتهما -رغم فائدة قد تجنيها- لن يجعل من أمر تعلم الإنجليزية و إتقانها أيسر. رأيت الكثير من الطلاب الذين يعانون كثيرا في إيصال أفكارهم و إيضاحها بشكل مناسب بالإنجليزية لأنهم لا زالوا عالقين في مرحلة متوسطة بين العربية و الإنجليزية، أفكارهم و جملهم تتكون بالعربية، لكنهم يترجمونها حرفا حرفا للإنجليزية مما يجعل من فهمها أمرا صعبا.
8. اسأل. إن حصلت لك فرصة التعامل مع متحدث متقن للإنجليزية، لا تتردد في سؤاله عما لم تفهمه أو عما تريد أن تتحدث عنه. و حسبما لمست -وأشعر!-، حين تظهر رغبتك في التعلم من متحدثك، سيظهر رغبة أكبر في إفادتك و إعانتك.
**
هذا ما لدي الآن. و أرجو الله أن تكون النقاط التي طرحتها تساعدك في طريقك لتعلم الإنجليزية. بإذن الله إن تيسر لي الوقت و وجدت لدى القراء الرغبة بالمزيد، سأعمل على تخصيص تدوينات أتناول فيها اقتراحات و نصائح لتنمية كل مهارة على حدا مع موارد معينة على إتقانها في المنزل.